L o a d i n g

سد الفجوة بين مالكي العقارات الفندقية والعلامات التجارية: الدور الاستراتيجي للمستشارين في مفاوضات اتفاقيات إدارة وتشغيل الفنادق واتفاقيات الامتياز

في صناعة الضيافة، يعتمد نجاح الفندق أو فشله في كثير من الأحيان على القرارات التي تُتخذ قبل وقت طويل من افتتاح أبوابه أمام الضيوف. وتُجسَّد هذه القرارات في اتفاقية إدارة وتشغيل الفندق (HMA) أو اتفاقية الامتياز التجاري، وهما عقدان يحددان الإطار التشغيلي والهياكل المالية والتوافق الاستراتيجي بين مالكي العقارات الفندقية والعلامات التجارية. وعندما تُصاغ هذه الاتفاقيات بطريقة مدروسة، فإنها تخلق شراكة قوية تدعم الأداء التشغيلي وتعزز النتائج المالية. أما إذا كانت غير متوازنة، فقد تؤدي إلى أصول ضعيفة الأداء، وعلاقات متوترة، وأحيانًا إلى فشل الاستثمارات بالكامل.

ومع التطورات المستمرة التي يشهدها قطاع الضيافة، لا بد أن تتطور أساليب التفاوض بشأن اتفاقيات الإدارة والامتياز بما يواكب المتغيرات في السوق. يستعرض هذا المقال الدور الاستراتيجي الذي يلعبه المستشارون المتخصصون في قطاع الضيافة في سد الفجوة بين المالكين والعلامات التجارية، وبناء شراكات طويلة الأمد قائمة على القيمة والنجاح المشترك.

إعادة التفكير في نموذج اتفاقيات إدارة الفنادق التقليدية: من الصيغة الجامدة إلى الاتفاقيات التكيفية

لطالما اتبعت اتفاقيات إدارة وتشغيل الفنادق (HMA) نموذجًا ثابتًا إلى حد كبير، خاصة في قطاع الفنادق الفاخرة. فقد كان من الشائع أن تمتد مدة العقود من 20 إلى 25 عامًا، ما يمنح العلامات التجارية استقرارًا طويل الأمد يتيح لها ترسيخ وجودها وضمان اتساق عملياتها التشغيلية، دون الحاجة إلى تحمّل أي التزامات رأسمالية. إلا أن هذا النموذج التقليدي بدأ يتغير مع تطور صناعة الضيافة، حيث أصبح المالكون يطالبون باتفاقيات أكثر مرونة وأقصر مدة – تتراوح عادة بين 10 و15 عامًا – تسمح لهم بإعادة تقييم أداء الفندق وفقًا لظروف السوق، مع إمكانية تغيير العلامة التجارية أو إنهاء الاتفاقية إذا لزم الأمر. كما يسعى المالكون بشكل متزايد إلى بنود تضمن أن المكافآت المالية للمشغّل تتماشى مع أدائه الفعلي، بحيث يشارك في المخاطر والمكاسب على حد سواء.

في شركة ستيرلينغ لاستشارات الضيافة، نجحنا في مواءمة مصالح الطرفين من خلال صياغة اتفاقيات تحقق توازنًا بين الاستقرار طويل الأمد للعلامة التجارية والمرونة المطلوبة للمالك. بدلاً من فرض هيكل جامد يقيّد الطرفين، نوصي باتفاقيات متعددة المراحل، تبدأ بفترات قصيرة يليها خيار للتجديد يعتمد على تحقيق مؤشرات أداء محددة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن ينص العقد الأولي لمدة 10 سنوات على خيار تمديد إضافي لخمس أو عشر سنوات في حال تحقيق الفندق لأهداف مالية معينة، مثل نسبة الأرباح التشغيلية الإجمالية (GOP) أو معدل العائد لكل غرفة متاحة (RevPAR). هذا الأسلوب يضمن التزام العلامة التجارية بتحقيق نتائج مالية قوية، مع منح المالك حرية تعديل نموذج عمله أو استراتيجيته بناءً على الأداء الفعلي للفندق.

كما توفّر الاتفاقيات التكيفية وسيلة فعّالة لتقليل المخاطر للطرفين. ففي حال ضعف أداء الفندق، يستطيع المالك إعادة التفاوض على الشروط دون الارتباط بعقود طويلة الأجل، بينما تحفَّز العلامة التجارية على الحفاظ على أعلى معايير التشغيل لضمان تجديد العقد. هذه المرونة أصبحت اليوم عنصرًا أساسيًا في سوق سريع التغير يتطلب استجابات ذكية وتفاهمات متبادلة لضمان النجاح المستدام.

التكاليف الخفية لعدم توافق المصالح: حماية المالكين من المخاطر المالية

على الرغم من أن التكاليف الظاهرة في مفاوضات اتفاقيات الإدارة أو الامتياز -مثل رسوم الإدارة الأساسية، والرسوم التحفيزية، ورسوم التسويق- تكون واضحة ومفهومة إلى حد كبير، فإن هناك تكاليف خفية قد تظهر مع مرور الوقت عندما لا تكون مصالح المالكين والعلامات التجارية متوافقة تمامًا. هذه التكاليف قد لا تكون ملموسة في المراحل الأولى من التفاوض، لكنها تظهر لاحقًا في مجالات مثل القرارات التشغيلية، وخطط النفقات الرأسمالية (CapEx)، والتكاليف الإدارية أو التقنية، وميزانيات التسويق.

فعلى سبيل المثال، قد تفضّل العلامة التجارية تنفيذ استراتيجيتها التسويقية الإقليمية أو التوسع في محفظتها من الفنادق على حساب الأداء المالي لفندق معين، مما يؤدي إلى تضخم في نفقات التسويق دون تحقيق طلب محلي كافٍ. وبالمثل، قد تفرض العلامة التجارية قرارات استثمارية ضخمة في رأس المال -مثل التجديدات المكلفة- للحفاظ على معاييرها العالمية، مما يشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على المالك، خصوصًا إذا لم تُسهم هذه التحديثات في زيادة ملموسة في قيمة الأصل الفندقي.

يقوم المستشارون المتخصصون في قطاع الضيافة بدور حاسم في تحديد هذه الاختلالات المحتملة في مرحلة مبكرة من المفاوضات، لضمان أن هياكل الرسوم والاستراتيجيات التشغيلية وخطط الإنفاق الرأسمالي تخدم مصالح الطرفين بشكل متوازن. فهم يضمنون وضوح جميع التكاليف المرتبطة بتشغيل الفندق منذ البداية، مما يمنح المالك رؤية مالية شاملة، مع الحفاظ في الوقت ذاته على الموارد التي تحتاجها العلامة التجارية لتطبيق معاييرها التشغيلية.

ومن خلال معالجة هذه التكاليف الخفية منذ البداية، يتم تجنّب المشكلات التي قد تؤدي إلى نزاعات مستقبلية أو ضغوط مالية، ما يضمن توافقًا كاملًا بين الطرفين بشأن آلية إدارة وتشغيل الفندق، ويعزز استقرار العلاقة وتحقيق نتائج مالية مستدامة على المدى الطويل.

اتفاقيات الإدارة القائمة على الأداء: تعزيز المساءلة وتحقيق النجاح

يشهد قطاع الضيافة اليوم تحولًا ملحوظًا نحو اعتماد اتفاقيات إدارة الفنادق القائمة على الأداء. ففي الماضي، كانت بنود الأداء تركز بشكل شبه حصري على المؤشرات المالية مثل الأرباح التشغيلية الإجمالية (GOP) أو العائد لكل غرفة متاحة (RevPAR). ورغم أهمية هذه المؤشرات، فإن الاتفاقيات الحديثة بدأت تشمل أيضًا مؤشرات غير مالية مثل رضا النزلاء، وأهداف الاستدامة، وإدارة سمعة العلامة التجارية. ويعكس هذا التطور المتزايد تعقيد العمليات الفندقية وارتفاع توقعات المسافرين المعاصرين.

إضافة إلى ذلك، أصبحت الاستدامة اليوم عنصرًا أساسيًا في معادلة النجاح لكل من المالكين والعلامات التجارية. فالكثير من الضيوف باتوا يفضلون الإقامة في منشآت تراعي المسؤولية البيئية، ولهذا يمكن أن تسهم بنود الأداء التي تربط الرسوم التحفيزية بمؤشرات مثل كفاءة استهلاك الطاقة، وتقليل النفايات، والحفاظ على المياه في تحقيق تحسينات ملموسة ومستدامة. ومن خلال ربط الحوافز المالية بمجموعة شاملة من مؤشرات الأداء، يستطيع الملاك ضمان التزام العلامات التجارية بنجاح الفندق ككل، وليس فقط من الناحية المالية، مما يرسخ ثقافة مشتركة من المساءلة والتميز المستدام في العمليات الفندقية.

نظرة عامة على هيكل الرسوم: أهم البنود في مفاوضات اتفاقيات الإدارة والامتياز

يسهم هيكل الرسوم المصمم بعناية في توحيد أهداف المالكين والعلامات التجارية ضمن رؤية أداء مشتركة. وفهم المصطلحات الأساسية يعد خطوة ضرورية، مع الأخذ بالاعتبار أن كل مشروع يتطلب تكييفًا خاصًا وفقًا لأهدافه وظروف السوق المحيطة به.

  • رسوم الإدارة الأساسية: تتراوح عادة بين 1% و3% من إجمالي الإيرادات في الفنادق الفاخرة، وبين 1.5% و2.5% في فنادق الفئة المتوسطة والعليا. وغالبًا ما تبدأ الرسوم بنسبة 2% لتزداد تدريجيًا مع نضوج الفندق واستقراره التشغيلي.
  • الرسوم التحفيزية: تُحسب بناءً على الأرباح التشغيلية الإجمالية (GOP)، وتتراوح بين 8% و12% للفنادق الفاخرة، و6% إلى 10% للفنادق المتوسطة والعليا. وتُعتمد عادة هياكل تصاعدية، حيث تزداد النسبة مع تحقيق أهداف الأرباح، مثل 5% عند تحقيق 25% من الأرباح التشغيلية، و8% عند بلوغ 50%.
  • رسوم التسويق: تتراوح بين 1% و2% من إجمالي الإيرادات، وتُخصّص لتمويل الحملات التسويقية العالمية والإقليمية، مع إمكانية تعديل الميزانية بما يتناسب مع طبيعة السوق الذي يعمل فيه الفندق.
  • رسوم الخدمات الفنية: تُغطي الدعم الفني خلال مرحلة ما قبل الافتتاح، وتكون أعلى عادة للفنادق الفاخرة. ويساعد التفاوض المسبق على هذه الرسوم في ضبط التكاليف وضمان الحصول على الدعم المناسب من العلامة التجارية خلال المراحل الأولى من التشغيل.

تُستند هذه الأرقام إلى بيانات داخلية لشركة ستيرلينغ لاستشارات الضيافة وقد تختلف من مشروع لآخر. وتعمل الشركة على تخصيص كل اتفاقية بما يتوافق مع الأهداف التشغيلية والمالية الخاصة بكل عقار لضمان تحقيق التوازن بين الكفاءة التشغيلية والعائد الاستثماري.

سد الفجوة من أجل نجاح طويل الأمد

في صناعة ديناميكية مثل قطاع الضيافة، لا بد أن تتطور أساليب التفاوض على اتفاقيات الإدارة والامتياز بما يتماشى مع متغيرات السوق. فمن خلال مساعدة المالكين والعلامات التجارية على التعامل بمرونة مع هذا المشهد المتغير، يمكن صياغة اتفاقيات قائمة على الأداء تجمع بين المرونة والالتزام وتخدم الأهداف طويلة الأجل للطرفين.

التركيز على عناصر مثل هيكل الرسوم، ومستوى السيطرة التشغيلية، والحلول المصممة خصيصًا لكل مشروع يضمن أن تكون الاتفاقية أساسًا متينًا لنجاح مستدام. ومع استمرار تطور القطاع، فإن الجهات التي تتبنى نهجًا متجددًا وعمليًا في مفاوضات اتفاقيات الإدارة والامتياز ستكون الأفضل استعدادًا لقيادة المستقبل وبناء شراكات طويلة الأمد تحقق الربحية والاستقرار لكلا الطرفين.

Recent Posts